فقدت مملكة البحرين برحيل الأستاذ المرحوم صادق بن عبدالكريم الشهابي أحد رجالاتها الكبار المعطائين، وفقدت الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر أحد أعمدتها، وفقدت أنا شخصيا أخا ورفيقا وصديقا عزيزا على قلبي وعلى قلوب كل العاملين في جمعية الهلال الأحمر البحريني.
كان المرحوم صادق الشهابي عضوا في جمعية الهلال الأحمر البحريني منذ 1970، وتدرج عن استحقاق وجدارة في المناصب القيادية في الجمعية حتى أصبح أمينا عاما لها في عام 1991، ليصبح بعد ذلك نائبا لرئيس مجلس الإدارة حتى رحيله، وكان هذا الإنسان الرائع يلازم الجمعية في أعمالها وتطلعاتها لتحقيق مبادئها الإنسانية والاجتماعية والخيرية بكل صدق وتفان وإخلاص، ومنذ معرفتي به قبل أكثر من 35 عاما لم أعهده إلا مثابرا نشيطا متابعا لمختلف تفاصيل العمل في الهلال، وبقي كذلك حتى آخر أيامه، يتابع كل صغيرة وكبيرة ويبدي استعدادا لإزالة أي تحديات تعترض مسيرة عملنا الإغاثي والإنساني.
كان طيبا متواضعا كريم الأخلاق، مشهودا له بين كل من عمل معه بحسن التعامل ونقاء السريرة وصفاء النفس والاستعداد الدائم لتقديم المساعدة والعطاء بكل كرامة ومحبة، إلا أنه -رحمه الله- كان صارما في العمل، يضع مصلحة العمل فوق كل اعتبار، ولا يقبل الخلط بين العمل والعلاقات الشخصية، كنا نحبه ونهابه من دون أن نخاف منه، وهذه برأيي صفات القائد الناجح.
جرى اختياره كأحد أعضاء الحركة الدولية للهلال الأحمر والصليب الأحمر، ليسهم مع عدد قليل من نظرائه حول العالم في رسم استراتيجية العمل الإغاثي والإنساني على مستوى العالم، وكان في الوقت ذاته خير ممثل للبحرين في اجتماعات الهلال والصليب الأحمر على المستويات الخليجية والعربية والدولية.
ورغم المسؤوليات التي فرضتها عليه المناصب التي تولاها خلال مسيرة حياته المهنية، ومن بينها عضويته في مجلس الشورى، وحمله حقيبة وزارة الصحة، إضافة إلى عضويته في كثير من مجالس إدارة المؤسسات العامة والخاصة، والجمعيات الأهلية والخيرية، فإنني أعتقد بصدق أن العمل التطوعي، الإغاثي والإنساني، كان يحظى باهتمامه الأكبر.
لم تقعده ظروفه الصحية الصعبة في سنواته الأخيرة عن النهوض بواجبه تجاه الجمعية، وكان يحضر اجتماعات مجلس الإدارة رغم أعراض المرض البادية عليه، ويناقش قرارات المجلس ويتابع الأداء ويصوبه، معتمدا على خبرته الطويلة جدا في مجال العمل الإغاثي والإنساني، وسوف تستمر هذه الجمعية بعطائها لتؤكد ما كان يتطلع إليه فقيدنا الغالي ابن الوطن البار الذي أعطى من جهده ووقته وصدقه في مختلف مجالات الخدمة للوطن وبكل إخلاص وتفان.
يقال إن لكل امرئ من اسمه نصيبا، والمرحوم صادق الشهابي كذلك بالفعل، فهو صادق في تعامله، في علاقاته، في كلامه، وفي وعوده، وفي عمله، كما أنه شهاب أضاء لنا مسيرة عملنا في جمعية الهلال الأحمر البحريني على مدى العقود الماضية.
فلتلفك يا أبا محمد رحمة الله ورضوانه ومغفرته، ونتضرع جميعاً إلى المولى عز وجل أن يسكنك فسيح جناته ويلهمنا الصبر ويعيننا على فراقك.