في ظل جائحة الكورونا التي اجتاحت الخريطة الكونية بأكملها، ينبغي أن نذكر الدور الكبير والملموس الذي لعبته المؤسسات المساندة للمؤسسات الصحية والطبية من أجل الحد من تمدّد وانتشار هذه الجائحة في جسد المجتمع البحريني، ومن بينها جمعية الهلال الأحمر البحرينية والتي يربو عمرها الخدمي والتعاوني والإنساني على الخمسين عامًا، قدمت خلاله جهودًا إغاثية مشرفة على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، الأمر الذي جعلها واحدة من المؤسسات البارزة التي تقدمت الصفوف الأولى في مواجهة ومكافحة فيروس الكورونا في مملكة البحرين.
وإذا ذكرت هذه الجمعية، جمعية الهلال الأحمر البحرينية، يذكر معها وفي صدارتها الحداثية الأستاذ مبارك الحادي الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر البحريني بالوكالة والمدير العام للجمعية ودينامو القيادة الخيرية والتعاونية والإنسانية فيها، هذا الإنسان النبيل الذي يسعى لمن يحتاج لمساندة وتعاون الجمعية معه قبل أن يسعى من يحتاج لخدمات الجمعية إليه، وهي صفة فريدة نادرة قلّ مثيلها لدى كثير ممن يتبوأون مناصب خيرية وتعاونية في هذا البلد، فهو إنسان مجبول على التعاون بطبعه، حريص على أن يكون هذا الفرع الإنساني الدولي أصل من حيث تواشجه مع القضايا الإنسانية الملحة في العالم أجمع، ولا يرتاح له بال إلا بتحقق الاستقرار بمختلف أنواعه في المجتمعات المعرضة باستمرار لمختلف الكوارث البشرية والطبيعية.
وفي هذا الصدد لا يمكن أن نتجاوز كارثة جائحة كورونا وأثرها المروع في كل مجتمعات العالم ومن بينها المجتمع البحريني، وإذا ذكرت هذه الكارثة يذكر معها كما أسلفت الجهود الجسام التي تتصدى لها جمعية الهلال الأحمر البحرينية بقيادة الأستاذ مبارك الحادي، هذا الدينامو الفعال الذي جنّد كل جهود الجمعية لمكافحة هذه الجائحة وأولها الدعم المادي للحملة الوطنية لمكافحة فيروس كورونا لم يقف عند هذا الحد فحسب، وإنما شكل إلى جانب هذا الدعم ترسانة قوية صلبة تعضد مؤسسات المجتمع المدني والمواطنين بجهود لا حدود لعطاءاتها وإجراءاتها الاحترازية وتدابيرها الوقائية المتخذة، الأمر الذي حظيت هذه الجمعية من خلاله على إشادات مشرفة من منظمة الصحة العالمية ومن كل المؤسسات والجمعيات الصحية والإنسانية المحلية والدولية، وهي إشادات بمثابة شهادات قاطعة لنتائج مثمرة حققتها البحرين في مواجهة هذه الجائحة، ويأتي ذلك من خلال قيادة حيوية تتملك خبرة طويلة ضالعة في العمل الخيري والإنساني ومدركة بعين يقظة ورأس فطن اللحظات التي ينبغي أن تتأهب فيها لتنفيذ التوجيهات والتكليفات الحكومية التي من شأنها التصدي لهذه الجائحة وحماية المواطنين والمقيمين من أخطارها وكوارثها.
لم يكن الحادي وحده في ساحة العمل الإنساني والتعاوني والخيري بهذه الجمعية، ولم تكن الجمعية التي يتولى أمانتها وإدارتها قصرًا على أعضائها فحسب، إنه يفتح الأبواب على مصاريعها للتعاون المجتمعي انطلاقًا من كون الوطن مسؤولية جماعية وتقتضي التباري الشريف من أجل دعمه، وهذا ما لمسه الحادي من المواطنين والمقيمين الذين لبّوا نداء التسجيل في ميادين التطوع حين أزف وقت التصدي لهذه الجائحة الكورونية، والذي لم يكن منه إلا أن سهّل الأمور لهم وهيأ لهم سبل الدعم والعمل لتصبح هذه الجمعية كيانًا بحجم وطن يقتدى به عالميًا، إذ في وقت قياسي تمكنت الجمعية من تدريب المتطوعين وتنمية قدراتهم في مجالات الإسعافات الأولية، وطرق مكافحة العدوى والتطهير، وطرق استخدام ألبسة الحماية الشخصية والتخلص منها، وطريقة خلط المواد الكيميائية لعمليات التعقيم والتطهير، إلى جانب اعتبارات السلامة وأخلاقيات العمل التطوعي والإسعافات النفسية الأولية، مع حرصها على تدريب كل المتطوعين عن بُعد، وذلك اتباعًا للتوجيهات الوطنية في سبيل الحفاظ على صحتهم وسلامتهم وتوصيل المساعدات لما يقارب 4500 أسرة في مختلف مناطق البحرين، بحسب جدول توزيع المساعدات والذي يتضمن 73 منطقة في مختلف المدن والقرى، إذ ارتأت الجمعية تسليم تلك المساعدات للأسر المستحقة في منازلها بدلاً من دعوتهم للحضور إلى مقر الجمعية بما جرت العادة السنوية، وذلك في إطار الإجراءات الاحترازية للوقاية من الفيروس، كما حرص المتطوعون على تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي أثناء التوزيع وارتداء القفازات والكمامات.
ولنا في هذا الصدد أن نستضيء بشهادة الدكتور فوزي أمين، رئيس بعثة الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في دول مجلس التعاون الخليجي الذي رأى أن هذه المبادرات السباقة التي تخطوها مملكة البحرين تؤكد على مركزها المتقدم في طليعة خريطة العمل الإغاثي والإنساني العالمي، كما يعكس حرص المملكة على النهوض بمسؤوليتها في هذا المجال لتجسيد روح التضامن الدولي في الأزمات والكوارث.
كذلك ينبغي علينا أن نلمس جهود هذه الجمعية بقيادة أمينها ومديرها الإنسان النبيل والدينامو الفاعل والخلاق الأستاذ مبارك الحادي في الأدوار الإنسانية الأخرى التي يضطلع بها إلى جانب أدواره وأدوار جمعيته في التصدي لجائحة الكورونا، إذ لم يتردد أبدًا في التعاون مع من كانت صحتهم لا تسعفهم على البقاء في المستشفيات، وغالبًا ما يكون هو المبادر الأول إلى فعل مثل هذا التعاون الخير، وهذا لم يصدر إلا من إنسان جبلت طبيعته على فعل الخير، وهذا ليس بغريب على من كان منبت أصله وفصله شجرة خيرة آتت أكلها القريب منها والبعيد.
فهنيئًا لجمعية الهلال الأحمر البحرينية بك أيها الإنسان النبيل، وكل عام وهلالنا الأحمر بدر يضيء سماء الخير والعطاء.
بقلم يوسف الحمدان